مشروع التّربية الإعلاميّة: ضرورة في زمن الإعلام الجديد

يزداد الإعتماد، في فترة الأزمات والحروب، على وسائل الإعلام كمصدر أول وأساسيّ للمعلومات. ومع التّطوّر الهائل الذي شهده قطاع وسائل الإعلام والإتصال، لم يعدّ العمل الإعلاميّ حكرًا على الصّحافيين دون غيرهم، إذ  ظهر مفهوم “المواطن الصحافيّ”. فبات بإمكان أي فرد نشر أخبار، صور أو فيديو عبر مواقع التّواصل الإجتماعيّ. هذا التّغيير الذي طرأ على طبيعة الخبر الصّحفيّ وطريقة صناعته، طرح العديد من التّحديات، منها الأخبار غير الدقيقة، الصور المفبركة وغيرها.

تَطوُّر القطاع الإعلاميّ على المستويين التقنيّ والعمليّ، سلّط الضوء على أهميّة مواكبة الجمهور وتوعيته على خطورة الإعتماد على مواقع التّواصل الإجتماعيّ كمصدر موثوق ووحيد للمعلومات دون التّحقق من مصداقيته. ففي بعض الأحيان، شكّل الخبر غير الدقيق، الفتيل الذي أشعل اشتباكات بين منطقتي باب التّبانة وجبل محسن.

من هنا، أدركت يوتوبيا أهميّة دور الإعلام، فشاركت في مشروع التّربية الإعلاميّة المموّل من الإتحاد الأوروبيّ ووزارة الخارجية الإلمانيّة والمنفّذ من قبل حركة السلام الدائم وجمعية يوتوبيا. يهدف المشروع الى إيجاد عادات التّعامل الواعي مع مضمون وسائل الإعلام عمومًا ومواقع التّواصل الإجتماعيّ خصوصًا. وبالتالي توعية الجمهور على خطورة الإعتماد على مواقع التّواصل الإجتماعيّ كمصدر وحيد للمعلومات. واستهدف المشروع فئة الشباب بشكلٍ خاص بما أنّها الفئة الأكثر استخدامًا لمواقع التّواصل الإجتماعيّ.

وضمن هذا المشروع، نظّمنا جلسات تدريبيّة لشباب منطقتيّ جبل ومحسن وباب التّبانة. تخلّل الجلسات  شرح مفصّل عن آلية صناعة خبر صحفيّ بطريقة موضوعيّة، بالإضافة إلى تدريبات على أحدث التّقنيات المستخدمة للتحقّق من مصداقية الصور ومصدرها .

بالإضافة إلى ذلك، تمّ إصدار كتاب مصوّر يحمل عنوان “قصص من الفيحاء”؛ يهدف إلى مواجهة التّطرّف عبر نشر الوعي الإعلاميّ. وهي قصة تشويقية خيالية بجزئين تجري أحداثها في مدينة طرابلس، المعروفة محليًا بمدينة “الفيحاء”. صوّرت القصة الإعلام على أنّه شبح يسعى إلى تشويه صورة المدينة. ونتيجة لذلك، ترسّخت صورة نمطية عن “الفيحاء” تظهرها على أنّها مدينة حرب، فيخشى الناس زيارتها.

تعكس القصة وجهة نظر الشّباب الذي يرى أن مدينته لا تتصدّر الأخبار سوى في فترة الإشتباكات، ولا يسلّط الضوّء على أخبارها الثّقافية والسياحية بالشّكل الكافي.

ومع ذلك، أظهرت أحداث الكتاب المصوّر أبطالًا متخفين، يعملون باستمرار وينجحون في نهاية المطاف في تحسين صورة طرابلس وإظهارها كمدينة حياة وفرح.