جولة في الحارة البرانية

عندما تتجول في هذه الاحياء البسيطة لن تخطر في بالك القصص الكامنة وراء ابوابها. في تلك الازقة الضيقة و الفارغة ممكن ان تتعثر بطفل مسرب من المدرسة، بكهل فاق عمره السبعين، او بقطة من قطط الشوارع. انها الحارة البرانية، حارة قابعة في بعد اخر، حارة منسية، اي و كأنها خرجت من سباق الزمان منذ سنين عديدة، حارة يعاني اهلها من فقر مدقع! نعم لازال هناك طفل اميي، نعم لايزال هناك امرأة تغتسل بابريق، بل و هناك عائلات تسكن في غرفة جدرانها سوداء، و ارضها سوداء، قد اكلها العفن منذ اعوام! كيف لاناس ان يعيشوا في هكذا ظروف؟ كيف و قد استقبلنا سنة ٢٠١٨ منذ ايام؟!
عندما ترى اوضاعا تعيسة كهذه تاكد ان بلادنا نسيت معنى العدالة و حكامنا اظلم من على الكرة الارضية!

نعم لازال هناك طفل اميي، نعم لايزال هناك امرأة تغتسل بابريق، بل و هناك عائلات تسكن في غرفة جدرانها سوداء، و ارضها سوداء، قد اكلها العفن منذ اعوام!!

الحارة البرانية، هذه الحارة الواقعة في طرابلس ما بين التبانة و جبل محسن حيث دارت معارك عنيفة متقطعة ما بين الحرب الاهلية حتى ٢٠١٣، تذكرتها جمعية يوتوبيا، عندما نسيها الجميع. نعم قدرتنا على التغيير بسيطة لكن طريق الالف ميل تبدا بخطوة!

بالتعاون مع اكتد و مع Centre de crise، نفذت يوتوبيا مشروع غرضه تحسين الظروف المعيشية لأسر اللاجئين السوريين وغيرهم من اللبنانيين في منطقة البرانية-طرابلس.
وقد استهدف هذا المشروع٧٦ مسكنا لاصلاح السباكة والكهرباء والنجارة وما إلى ذلك فيهم. كما قامت بجلسات للتوعية، ودورات لتعزيز النظافة الصحية لسكان المنطقة.
كما اخذت يوتوبيا بيد هولاء الاطفال المحرومين من ابسط الحقوق و اقامت لهم حلاقات ثقافية ترفيهية توعوية على امل ان تخرجهم من حلقة الضيق حيث يصبحون و يمسون كل يوم .

طرابلس ليست عبارة عن جدران و طرقات و ابنية فقط… طرابلس هي ضحكات الاطفال واحاديث النساء، هي همة الشباب و عنفوان الرجال.علينا ان ننهض بالانسان قبل كل شيء، اين الدولة من كل هذا؟ اين التغيير؟ اين الاصلاح و التطوير؟ …الى متى ستبقى اشكال الفقر متواجدة في مدينتنا؟ متى ستتكاتف الايادي كي لا تبقى عائلة محتاجة؟

في احد الازقة ذاك الكهل يلقي السلام مبتسا و هذا الطفل تعلو ضحكته، كيف لهم تلك القوة على العيش بقلب راض و بسمة لا تفارق وجوههم رغم حجم الالم الموجود من حولهم؟